You are currently viewing الأمريكيون غير مؤهلين لمكافحة الجوائح

الأمريكيون غير مؤهلين لمكافحة الجوائح

وباء السمنة والعادات المستمرة والتوتر المزمن تترك الأمة تواجه تدهوراً في الصحة

 الكاتب: رامي بيلوني

  قام والدي بعملية مراقبة منذ بضعة أيام وذهل من الازدحام وتكدس الطوابير، فالتقط لنا صورا وأرسلها إلى مجموعة المحادثة العائلية. وعندما رأيت الصور شعرت بأن هذه الصفوف طريقة مثالية لنشر فيروس كورونا.

وبالنظر إلى الموضوع بعناية أكثر، أدركت أيضًا أننا كأمريكيين لسنا مستعدين لمكافحة تفشي الفيروس، ونظرت إلى العربات، فرأيت فيها عبوات المشروبات الغازية ورقائق البطاطس والحلوى ومجموعة كبيرة من أجنحة الدجاج المجمدة.  وهذا يلخص صورة النهج القائم للمكافحة لدينا كدولة تجاه الصحة والمرض.

بينما كانت الصحة العامة تركز على العزل والنظافة لإبطاء انتشار الفيروس، كان هناك شيء واحد لا نتحدث عنه وهو كيف تجعل صحتنا الأساسية كدولة ليس فقط أقل عرضة للإصابة بالفيروس فحسب بل والاستسلام له أيضًا. وهناك الكثير من الأدلة والدراسات حول الأنفلونزا ونزلات البرد الشائعة التي أوضحت لنا بأننا كدولة لسنا مؤهلين عقليًا أو جسديًا لمكافحة جائحة، وما سأذكره الآن ليس إلا فجوات واضحة في صحتنا وعافيتنا التي ستجعل فيروس كورونا أكثر فتكًا فينا.

فشلنا في معالجة وباء السمنة

سيعاني ما يقرب 50% من سكان الولايات المتحدة من السمنة بحلول عام 2030. ومن الموثق أن السمنة تزيد من خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي. والأهم من ذلك صف المناعة وزيادة فرصة الإصابة بالعدوى. وخلال انتشار وباء انفلونزا الخنازير (H1N1) عام 2009 أكتشف وقتها أن السمنة تعد عامل خطر “غير مألوف” للحالات الخطيرة التي تتطلب رعاية العناية المركزة، وأن  61% من الأفراد الذين لقوا حتفهم بسبب H1N1 كان لديهم مؤشر كتلة الجسم أعلى من 30 وأظهرت دراسات المتابعة أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة كانوا يعانون أيضاً من عيوب خلوية في بعض الخلايا المناعية التي ساهمت في ارتفاع معدل الوفيات.

وقد سجلت كوريا الجنوبية أدنى معدلات السمنة في العالم وهذا يمكن أن يفسر انخفاض معدل الوفيات نتيجة الإصابة بالكورونا المستجدة فيها حتى الآن.

نحن خاملون جدا

35% فقط من سكان أمريكا البالغين الذين تبلغ أعمارهم فوق 65 عامًا نشيطون بدنيًا. وقد أظهرت دراسة أجريت عام 2013 أنه مقابل كل زيادة في الخمول البدني بنسبة 5% فإن معدل دخول المستشفى المرتبط بالانفلونزا يرتفع بنسبة 7%. وظهر أيضا أن التمارين المكثفة والعنيفة تضغف جهاز المناعة. أما التمارين متوسطة الشدة فإنها لا تحسن فقط الوظيفة المناعية، بل تقلل أيضًا من خطر شدة التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية. وفي دراسة رائعة كانت فئران التجارب تمارس التمارين المعتدلة وتم حقنها بسلالة H1N1 كانت نسبة الوفيات ثلث معدل الفئران التي في مجموعة المراقبة دون ممارسة الرياضة (18% مقابل 56 % من الوفيات).

وفي دراسة عشوائية على أشخاص تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، تم اختيارهم عشوائيًا للانخراط في برنامج نشاط رياضي لمدة ثمانية أسابيع قبل موسم البرد والانفلونزا، كانت النتيجة أن 35% فقط تعرضوا لنوبات البرد والانفلونزا، وأن 47 % منهم عانوا من أيام مرضية أقل.

نحن لا نتناول ما يكفي من الفاكهة والخضروات

فقط 9.9% من الأمريكيين يتناولون كمية الخضار التي أوصت بها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية. ومقابل كل زيادة بنسبة 5% في عدد الأمريكيين الذين لا يتناولون الخضار والفاكهة ترتفع نسبة دخولنا إلى المستشفيات بنسبة 8%.

وفي دراسة أخرى ، أختيرت مجموعة من كبار السن بشكل عشوائي وطبق عليهم نظام غذائي غني بالخضروات لمدة 16 أسبوعًا قبل تلقي لقاح مناعي، كانت النتيجة استجابة أجسامهم بشكل أفضل بتصنيع أجسام مضادة للقاح، مما يشير إلى أن تناول الخضروات يعزز استجابتنا المناعية. وفي دراسة أخرى أجريت عام 2010 على أكثر من 1000 امرأة في بوسطن، تناولت النساء أكبر قدر من الفاكهة والخضروات، وكانت النتيجة اختفاء 39% من التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية أثناء الحمل.

نحن مرهقون نفسيا

في عام 2018 زار ثلث الأمريكيين طبيبا بسبب التوتر الذي يتعرضون له نتيجة الظروف المحيطة بهم. وقد أفادت بعض الاستطلاعات أنه في كل يوم يعاني أكثر من 50% من الأمريكيين من الإجهاد الحاد أو المزمن. وفي العديد من الدراسات يرتبط الإجهاد (الإجهاد المزمن على وجه الخصوص) بإفساد كل من نظامنا الخلوي والهرموني. وفي 13 دراسة أخرى ثبت أن التوتر النفسي مرتبط بانخفاض استجابة الأجسام المضادة للقاح الانفلونزا، وفي دراسة (لن أتطوع فيها أبدًا) قام الباحثون بقياس الإجهاد عبر سلسلة من الاستبيانات وأصابوا 394 شخصا بخمسة فيروسات تنفسية عن قصد. وراقب الباحثون معدلات الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي ونزلات البرد السريرية، فقد ازدادت درجة الاستجابة السريرية للجرعة مع زيادة درجة الضغط النفسي. وفي دراسة أخرى كان لدى الأشخاص الذين تلقوا جلسات التأمل الذهني لمدة ثمانية أسابيع مباشرة قبل موسم البرد والانفلونزا إصابات أقل بنسبة 33% وأقل عدد في أيام الإجازة من العمل بنسبة 66%.

دعونا نعيد النظر في الاستعداد للوباء التالي

أعرب الكثير من الناس عن قلقهم من عدم استعداد نظام الرعاية الصحية لدينا وجاهزية حكومتنا للتصدي لتفشي فيروس كورونا المستجد. كما أننا وضعنا نقص بروتوكولات الحجر الصحي والاختبارات التشخيصية، وركزنا على إمدادات الرعاية الصحية الرئيسية في دائرة ضيقة لنكتشف أنها قد تكون مدمرة. ونتيجة لذلك اضطررنا إلى اللجوء لردة فعل الذعر “الحجر المنزلي” الذي أدى بالفعل إلى اضطراب اقتصادي واسع النطاق.

لقد كانت استجابة كوريا الجنوبية لمواجهة تفشي كورونا أفضل وأقل تشويشًا لأسباب عديدة ولكن أحد العوامل التي تم تجاهلها هو أنهم شعب صحي في الأساس.

وفي نفس السياق، واستجابة لزلزال سان فرانسيسكو عام 1989 قامت المدن بمراجعة قوانين البناء والمعايير الجيوتقنية لضمان ألا تكون المباني المبنية مستقبلاً قاتلة.

 وبعد أن نخرج من هذه الأزمة ، فإن أحد الأسئلة الرئيسية التي سنحتاج إلى التعامل معها هو ما إذا كان نظام الرعاية الصحية لدينا سيستيقظ لمعالجة وباء السمنة ونمط الحياة الذي يعيث فسادًا في أسس صحتنا وعافيتنا.

* رامي بايلوني، طبيب في الطب الباطني وأخصائي سمنة وتقني رعاية صحية، مدرب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وكان زميلًا في ستانفورد الطبية قبل تأسيس “إينارا هيلث” ولديه شغف بأسلوب الحياة والسلوك والطب الشخصي.

 

ترجمة : وريف الغازي

تحت إشراف : مركز تعزيز الصحة

 د.صالح الأنصاري

المقال الأصلي بالإنجليزية:

https://www.medpagetoday.com/infectiousdisease/covid19/8555